responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 181
[سورة البقرة (2) : الآيات 148 الى 152]
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (152)
قوله: لِكُلٍ
بِحَذْفِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ لِدَلَالَةِ التَّنْوِينِ عَلَيْهِ، أَيْ: لِكُلِّ أَهْلِ دِينٍ وِجْهَةٌ، وَالْوِجْهَةُ فِعْلَةٌ مِنَ الْمُوَاجَهَةِ وَفِي مَعْنَاهَا: الْجِهَةُ وَالْوَجْهُ، وَالْمُرَادُ: الْقِبْلَةُ، أَيْ: أَنَّهُمْ لَا يَتَّبِعُونَ قِبْلَتَكَ وَأَنْتَ لَا تتبع قبلتهم لِكُلٍّ وِجْهَةٌ
إِمَّا بِحَقٍّ وَإِمَّا بِبَاطِلٍ، وَالضَّمِيرُ فِي قوله: وَمُوَلِّيها
رَاجِعٌ إِلَى لَفْظِ كُلٍّ. وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: وَلِّيها
هِيَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي: مَحْذُوفٌ، أَيْ: مُوَلِّيهَا وَجْهَهُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ لِكُلِّ صَاحِبِ مِلَّةٍ قِبْلَةً صَاحِبُ الْقِبْلَةِ مُوَلِّيهَا وَجْهَهُ، أَوْ لِكُلٍّ مِنْكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ! قِبْلَةٌ يُصَلِّي إِلَيْهَا مِنْ شَرْقٍ أَوْ غَرْبٍ أَوْ جَنُوبٍ أَوْ شَمَالٍ إِذَا كَانَ الْخِطَابُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ، إِذْ هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ فَاعِلُ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ لِكُلِّ صَاحِبِ مِلَّةٍ قِبْلَةً اللَّهُ مُوَلِّيهَا إِيَّاهُ. وَحَكَى الطَّبَرِيُّ أَنَّ قوما قرءوا: لِكُلٍّ وِجْهَةٌ
بِالْإِضَافَةِ، وَنَسَبَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ فِي الْكَشَّافِ: وَالْمَعْنَى: وَكُلُّ وِجْهَةٍ اللَّهُ مُوَلِّيهَا فَزِيدَتِ اللَّامُ لِتَقَدُّمِ الْمَفْعُولِ، كَقَوْلِكَ: لَزَيْدٌ ضَرَبْتُ، وَلَزَيْدٌ أَبُوهُ ضَارِبُهُ. انْتَهَى. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عَامِرٍ: مُوَلَّاهَا عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالضَّمِيرُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ لِوَاحِدٍ، أَيْ: وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ قِبْلَةٌ الْوَاحِدُ مُوَلَّاهَا، أي: مصروف إليها. وقوله:
سْتَبِقُوا الْخَيْراتِ
أَيْ: إِلَى الْخَيْرَاتِ عَلَى الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، أَيْ: بَادِرُوا إِلَى مَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ مِنِ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ كَمَا يُفِيدُهُ السِّيَاقُ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْأَمْرَ بِالِاسْتِبَاقِ إِلَى كُلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَيْرٌ، كَمَا يُفِيدُهُ الْعُمُومُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ تَعْرِيفِ الْخَيْرَاتِ وَالْمُرَادُ مِنَ الِاسْتِبَاقِ إِلَى الِاسْتِقْبَالِ: الِاسْتِبَاقُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وقتها.
ومعنى قوله: يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ
أَيْ: فِي أَيِّ جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله للجزاء يوم القيامة، أو يجعلكم جَمِيعًا، وَيَجْعَلُ صَلَاتَكُمْ فِي الْجِهَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ كَأَنَّهَا إِلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ كَرَّرَ سُبْحَانَهُ هَذَا لِتَأْكِيدِ الْأَمْرِ بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ، وللاهتمام به، لأن موضع التَّحْوِيلِ كَانَ مُعْتَنًى بِهِ فِي نُفُوسِهِمْ وَقِيلَ: وَجْهُ التَّكْرِيرِ: أَنَّ النَّسْخَ مِنْ مَظَانِّ الْفِتْنَةِ وَمَوَاطِنِ الشُّبْهَةِ، فَإِذَا سَمِعُوهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى ثَبَتُوا وَانْدَفَعَ مَا يَخْتَلِجُ فِي صُدُورِهِمْ وَقِيلَ: إِنَّهُ كَرَّرَ هَذَا الْحُكْمَ لِتَعَدُّدِ عِلَلِهِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ لِلتَّحْوِيلِ ثَلَاثَ عِلَلٍ: الْأُولَى: ابْتِغَاءُ مَرْضَاتِهِ، وَالثَّانِيَةُ: جَرْيُ الْعَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ أَنْ يُوَلِّيَ كُلَّ أَهْلِ مِلَّةٍ وَصَاحِبِ دَعْوَةٍ جِهَةً يَسْتَقِلُّ بِهَا، وَالثَّالِثَةُ: دَفْعُ حُجَجِ الْمُخَالِفِينَ فَقَرَنَ بِكُلِّ عِلَّةٍ مَعْلُولَهَا وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْأَوَّلِ: وَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْكَعْبَةِ إِذَا صَلَّيْتَ تِلْقَاءَهَا، ثُمَّ قَالَ: وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ يَعْنِي وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ فِي الْأَسْفَارِ، فَكَانَ هَذَا أَمْرًا بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْكَعْبَةِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاطِنِ مِنْ نَوَاحِي الْأَرْضِ. وَقَوْلُهُ: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ قِيلَ:
مَعْنَاهُ: لِئَلَّا يَكُونَ لِلْيَهُودِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا لِلْمُعَانِدِينَ مِنْهُمُ الْقَائِلِينَ مَا تَرَكَ قِبْلَتَنَا إِلَى الْكَعْبَةِ إِلَّا مَيْلًا إِلَى دِينِ قَوْمِهِ، فَعَلَى هَذَا: الْمُرَادُ بِالَّذِينِ ظَلَمُوا: الْمُعَانِدُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقِيلَ: هُمْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ، وَحُجَّتُهُمْ:
قَوْلُهُمْ: رَاجَعْتَ قِبْلَتَنَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ لِئَلَّا يَقُولُوا لَكُمْ: قَدْ أُمِرْتُمْ بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ وَلَسْتُمْ تَرَوْنَهَا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنَّ إِلَّا هَاهُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ: أَيْ وَالَّذِينَ ظَلَمُوا فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَمِنْهُ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست